يُعرّف موريس كرانستون الليبرالي بأنه (شخص يؤمن بالحرية) ، ويُقرُّ الليبراليون بأولوية الحرية كقيمة سياسية عبر طريقتين:
يفترض الليبراليون عادةً بأن البشر يمتلكون بصورة طبيعية الحرية التامة لتنظيم أفعالهم، كما تناسبهم، دون طلب إذن، أو اعتماد على إرادة شخص آخر. وقد ناقش جون استيوارت مِل بأن عبء التسويغ يقع على عاتق معارضي الحرية، من المدافعين عن أي شكل للقيد، أو الحظر، وذلك لأن الافتراض القَبْلي في صالح الحرية” . كما يتفق المفكرون الليبراليون المعاصرون، مثل جويل فاينبرغ، وستانلي ِبن، وجون رولز على ما يمكن تسميته بالمبدأ الليبرالي الأساسي وهو: الحرية هي المعيار الأساسي، لذا فإن عبء التسويغ يقع على عاتق من يرغب في استخدام الإكراه للحد من الحرية”، ويترتب على ذلك أن السلطة السياسية والقانون يجب أن يبررا نفسيمها، وبالتالي، فإن السؤال الجوهري للنظرية السياسية الليبرالية هو ما إن كان بالوسع تبرير السلطة السياسية، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف؟
لهذا السبب، غالبًا ما تُعد نظرية العقد الاجتماعي كما طورها توماس هوبز، وجون لوك، وجان جاك روسو، وإيمانويل كانط، نظرية ليبرالية على الرغم من افتراضات هوبز وروسو التي تحتوي على ملامح غير ليبرالية واضحة. وذلك بقدر ما يجعلون من حالة الطبيعة نقطة انطلاقهم، وهي حالة يكون فيها البشر أحرارًا ومتساوين، ولذا يناقشون بأن أي تقييد لهذه الحرية والمساواة يجب أن يكون مبررًا (أي بموجب العقد الاجتماعي)، هكذا يعبر تقليد العقد الاجتماعي عن المبدأ الليبرالي التأسيسي، والذي ينص على وجوب تبرير القيود المفروضة على الحرية. ولأنه يقبل بذلك، يمكننا استيعاب هوبز كجزء من التقليد الليبرالي.
يجب القول بأن لا أحد يُصنِف هوبز كليبرالي، لكن رغم ذلك يوجد سبب لتقديره كرائد للفلسفة الليبرالية ، ألا وهو تساؤله عن الأساس الذي يقوم عليه ولاء المواطنين للسلطة. والذي يتضمن نبذًا لفرضية أن المواطنين هم ملكية للحاكم، في المقابل يكون الحكام مسؤولين أمام المواطنين ذوي السيادة.
في الثقافة ككل، كانت تلك الصورة للعلاقة بين المواطن والملك قد تشكلت عبر قرون، حيث مَثّل “الميثاق الأعظم او الماجنا كارتا ” سلسلة اتفاقيات بدأت في عام 1215، وقد نشأت من النزاعات بين البارونات والملك جون. وقد أكد الميثاق على أن الملك مُقيَد بحكم القانون. لكنه مَثّل مجرد مرحلة من النزاع وليس نهايته، فبحلول منتصف القرن الرابع عشر، أصبحت مبادىء الحقوق الفردية، كالمحاكمة أمام هيئة من المحلفين وفق قواعد منظمة، والمساواة أمام القانون؛ أكثر رسوخًا. وقد عُدّ الميثاق الأعظم بمثابة تفويض بالسيادة ليس فقط للنبلاء وإنما ل”الشعب” كذلك.
بحلول منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، كان جون فورتيسك، رئيس قضاة إنجلترا من عام 1442 إلى عام 1461 ، قد كتب عن “الفرق بين الملكية المطلقة والملكية المحدودة”، وهي حجة لصالح ملكية محدودة يمكن القول بأنها بداية الفكر السياسي الإنجليزي . يُعد هوبز واحدًا من أوائل وأعظم مفكري العقد الاجتماعي. كما يُنظر إليه عادة بصفته مُشرِعًا للملكية المطلقة. فبناءً على نظريته، يمتلك اللفياثان سلطة مطلقة في نطاق معين، وهو مُخوّل بأن يفعل كل ما يتطلبه الأمر للحفاظ على السلم. هذه الغاية النهائية تبرر أي وسيلة تقريبًا، بما في ذلك القيود الصارمة على الحرية. ومع ذلك تجدر الملاحظة بأن القيود مُتضمنَة في الغاية ذاتها، فوظيفة اللفياثان هي حفظ السلم، وليس فعل كل ما هو جدير بأن يٌفعل، بل ببساطة فعل ما يلزم لتأمين السلم. لقد طوّر هوبز المؤيد الشهير للطغيان، نموذجًا للحكومة مقيدًا بهذه الطريقة.
بينما لم يدافع الليبراليون النموذجيون كجون لوك عن المبدأ الليبرالي التأسيسي فقط، وإنما أكدوا أيضًا على أنه حتى القيود المُبرَرة على الحرية هي متواضعة للغاية. وأنه يمكن تبرير حكومة مُقيدة فقط؛ لأنه في الواقع، المهمة الرئيسية للحكومة هي حماية الحرية المتساوية للمواطنين. “لكل شخص نفس الحق، غير القابل للسقوط، في الاستفادة من آلية تكفل الحقوق والحريات الأساسية للجميع على قدم المساواة
منقول عن موقع حكمة بتصرف