ورقة سياسية عن الشباب والمشاركة السياسية دفعاً لعملية التنمية في السودان



احتفالا بيوم الشباب العالمي ١٢ أغسطس ٢٠٢٠

في منتدى حركة معرفيون


مقدمة :
سوف أقوم اولاً بتعريف الشباب والمفهوم العام لقضاياهم العامه.. ثم تناولها في إطار سوداني خالص حتى يمكننا مقاربة اشكالياتهم وصياغة حلول من شأنها مساعدتهم والبلاد.. محاولا خلق إطار كبير لقضايا الشباب بصورة عملية وعلمية مفسحا المجال للورقتين الاخرتين ليتم قولبتها داخل المفهوم العام هنا..
إن هدفي من ذلك خلق اضطراد مفاهيمي يسحب العمومية عن قضايا الشباب ولكي يتم تناولهم بخصوصية في أهم الاشكالات التي تواجههم

يوم الشباب العالمي :
ماهو الشباب

ويترجم ( IYD).. هو يوم سياسي قامت الأمم المتحدة باعتماده في العام 2000 لزيادة َرفع الوعي بالاشكالات الثقافية والقانونية التي تواجه هذه الفئة من المجتمع.. والمقصود بالشباب عند الأمم المتحدة وهذا اليوم هم ال(YOUTH) والذين تعرفهم هي بالفئة العمرية مابين 15 الي 29 عاما (١).. رغم قصور اللغة العربية في الترجمة المباشرة فإن كلمة الشباب تعني لغة المرحلة العمرية التي تتسم بالقوة والنماء الجسدي وهو مابعد البلوغ وقبل الأربعين من العمر (٢).. كما يصفه البعض في الروح لا الجسد وفي العقل لا الشكل فإن مفهوم الشباب في العقل الجمعي مرتبط بالسن والفترة العمرية التي تقع مابين البلوغ والكهولة.. وهي فئة عمرية كبيرة يمكننا أن نسميها ما بين ال 15 عاما الي مادون الخمسين من العمر (٣)

السودان :
يقع السودان في القرن الافريقي في منطقة تعتبر واحدة من أغني مناطق الكرة الأرضية في قدراتها وايضا افقرها على الإطلاق.. إذ يعيش معظم ساكنيه تحت خط الفقر مع دعاية سياسيه ضخمه يقدمها كل حزب ومجموعة عن غني البلاد متجاهلين فقرها يبيعون الأماني المستحيلة بدون وقائع على الأرض تبشر بحلول قريبة..
إحصاء كلي :

يعمل معظم السودانيين في الزراعة التقليدية والرعي 65% وفق تقديرات منظمات مستقلة (٤). ثم التجارة والصناعة بينما يضعف جانب مدخلات الصناعة الأولية والصناعات الثانوية بشكل كبير مما يجعل السودان بحوجة دائمة لاستيراد معظم حاجياته
هذا الي جانب نسبة 15 % هي نسبة العطالة في السودان و 3.1% تعمل في تجارات غير رسمية هي للحرب والتهريب والسوق السوداء.. مما يجعل السودان واحد من أفقر الدول في العالم وفق تقديرات الأمم المتحدة لعام 2016 رغم النمو الكبير الذي صاحب استخراج البترول 1998_2012 إذ بلغ دخل الفرد بنهاية العام 2014 الي 990 دولار بينما يعيش واحد من 2 سوداني بدخل تحت 3 دولار غير قادرا على الإهتمام بنفسه من طعام وشراب وملبس بجانب الضروريات الأخرى


قدرت الأمم المتحدة UN تعداد سكان السودان ب 40.53 مليون نسمة بنهاية العام 2017 بنسبة ذكور 99.9 لكل 100 امرأة ونسبة نمو سكاني بلغت 2.4% لكل عام مابين 2010 الي 2017..(١)
القادري على العمل والإنتاج في السودان هم نسبة 53 % من سكان السودان إذ قدرت الأمم المتحدة ان 40% من السودانيين هم أطفال دون الخامسة عشر و فقط 5.5% هم كبار سن فوق 65 عاما من عمرهم
إن 53% من السكان نسبة صغيرة جدا لدولة ناشئة تريد أن تبني لنفسها اقتصادا قويا ينافس العالم والمنطقة هذا اذا قارنا متوسطا لدولة منتجة كالصين التي تصل مجموع المنتجين فيها الي 70.9% من سكانها وكبار السن فوق 65 عاما الي 10 % هذا يجعل منها قدرة اقتصادية وقدرة إنتاج لاتقارن بالسودان
اذا أخذنا بتعريف الأمم المتحدة فإن الشباب بالسودان حوالي 25 %.. (٤)

أهم الاشكاليات التي تواجه الشباب :
يعيش السودان أسوأ أيامه بعد التخلص من نظام حكم البشير الطاغية في ثورة عارمة كان الشباب وقودها ومحركها الأساسي ‘ لكن مع دخول العالم مرحلة كساد بسبب فيروس كرونا المستجد والحالة الاقتصادية المتدهورة للسودان فإن الحياة عموما والشباب خصوصا تعيش واحده من أسوأ مراحلها.. فمع المشاركة الكبيرة للشباب في الثورة نلاحظ غيابا كبيرا لهم ف المجتمع والحياة السياسية والمشاركة الفاعلة في فترة مابعد الثورة.. رغم اهمية مشاركتهم التي يمكن إجمالها اختصارا في :
1. الشباب صاحب القوة والعنفوان الأكبر وصاحب القدرة الأكبر في احداث تغيير هيكلي على الدوله في اقصر زمن يرجع ذلك لقدرتهم الكبيرة على الحركة في أرض السياسة السودانية.. كذلك لتفرغهم.. أضف لذلك فإن ثورة ديسمبر 2018 هي ثورتهم بالأساس.
2. إن التغيير وعملية الحراك العام تجاه التطور تمثل عبء عملي كبير وجهد لايمكن الاستهانة به.. وذلك العمل هو محط اهتمام الشباب وارثي البلاد مستقبلا وأهم مكوناتها حاليا.
3. إن رغبة التغيير للأفضل كان مؤشرها الحرج في رغبة الشباب في حياة افضل.. واختلاف التعريف في كلمة (الأفضل) كان محرك الثورة الفعلي فالشباب الباحث عن العمل والتطور والحياة المثلى لم يرض بما تعرضه حكومة البشير فثار عليها ويمكنه ان يثور ثانية اذا لم يتم تحقيق رغباتة تلك.. ومن افضل من تحقيق تلك الرغبات ووضع التصورات النهائية في موضع التنفيذ من صاحب الحق نفسه ومحركه الأول وهو الشباب.

لكن رغم الأسباب العديدة التي تدعم ضرورة مشاركة الشباب في الحياة العامة فإن كل المؤشرات تدلل على قلة مشاركتهم.. يمكننا النظر لأسباب ندرة المشاركة في عموميات كبيرة مثل :
1. تاريخ :
= الإرث التاريخى للسياسه السودانية الملئ بالانتهاكات والعنف ضد أصحاب الرأي والمصلحة ادي لاحجام الأسر السودانية في دفع أبنائها للمشاركة السياسية
=أضف لذلك فإن التاريخ السوداني ملئ بالثورات التي انتهت نهايات محزنة.. تلك النهايات لاتعطي بشير الأمل لشباب اليوم ولاتدفعهم للمشاركة السياسية الفاعله وتدفع الظن بأنه مهما كان الجهد المبذول فإن المحصلة سيئة…
=وأضف لذلك فإن غياب الدور التعليمي في تأهيل الشباب لمشاركة سياسيه فاعله فقد انشغل التعليم في الثلاثون عاما الماضية في تعليم الأطفال تاريخا مغايرا وعلوما ماضيه ولم يطرح أي طرق نقديه او وسائل معرفيه تمكن شباب اليوم من شق طريقهم بمعرفه وعلم صلب يساعدهم في المشاركة السياسية الفاعله لا ينفرهم عنها
= واقع العنف وثقافة العنف والحرب التي ترتبط بدرجة تقدم المجتمعات أدت الي ترغيب الشباب في مناطق السودان لحسم مشاكلهم بالعنف والتغلب على العوائق بالقوة المحضة وهم – الشباب- مليئين بالعنفوان فكان طريق تلمسهم للهزيمة والنصر مربوط دائما بقوتهم الجسدية ولم تكن مثالا جيدا لتشجيع الشباب للإنخراط في عملية سياسية معقدة ومرهقة ذهنيا ومعرفيا

2. الحاضر :
= واقع الفقر والجهل والمرض ادي لإنصراف الشباب لمشاكل حياتيه يوميه وانشغلو بالدخل البسيط لأسرهم وعوائلهم مبتعدين عن السياسه
=تكالب كبار السن في الاحزاب السياسية على السلطة ضرب مثالا سيئا للشباب ولم يحفز أحدا.. مع اقصائهم للشباب ودورهم في عملية التغيير

3. المستقبل :
= غياب الرؤية المستقبلية والأفق المرتقب في حلول تنهي حالة المعاناة التي يعاني منها نصف شعبنا ادت الي عزوف الشباب عن السياسه.. فالذي يرغب يقدم محفزا والسياسه السودانية لايمكنها ترغيب أحد في هذا التوقيت مشغولة بإشكالياتها التافهة متناسية دورها الأعظم في خلق الأفق والمستقبل والقيادة عبر خلق المثال الأفضل

كيفية دفع الشباب للمشاركة السياسية الفاعلة وقيادة مجتمعاتهم :
الطرائق التي اقترحها خليط بين أعمال آنيه واخرى مستقبلية تعمل في اتجاه جذب الشباب للمشاركة الفاعلة في العملية السياسية بصورة اكثر تجذراً من الثورات المتناثرة يفصل بينها زمنا ودمارا ورجوعا للخلف
1. الإهتمام بالتعليم : في هذا فإن ورقة منفصلة سوف تقدم في هذا المنتدى لكن العموم هنا هو تحسين التعليم وشروطه في السودان ودفع مناهجه لكي تدعم وضع الشباب كقوه فاعلة في المجتمع اكثر انتاجا وأقل ازعاجا والاهتمام بتعليمهم كافة الوسائل التي تساعدهم على بناء حياة جيدة ومتطورة ومقبولة لديهم قادرة على استيعاب طموحاتهم
2. الاهتمام بالصحة : رغم ان فئة الشباب هي اقل الفئات اهتماما بالصحة عموما بسبب القوة الجسدية والتعافي الصحي عموما الا أن الكثير من شباب الغد من الأطفال لايتم وضعهم في الحسبان هنا.. إذ يموت معظم هؤلاء بالامراض قبل بلوغهم سن الشباب مما يقلل عدد القادرين على العمل والمنتجين عموما.. كما أن الاهتمام بالصحة وتأسيس نظام صحي يقدم الرعاية الصحية الأولية مجانا يساعد الشباب من أصحاب الدخل الأقل من تحقيق طموحاتهم بسهوله قبل الدخول في مرحلة الكهولة.
3. تشجيع الشباب وترغيبهم في ممارسة العمل السياسي : في هذا الجانب فإن الشرح سيطول وكذلك الأسباب.. لكن يمكن اجماله في ضرورة افساح الاحزاب السياسية لمجالات واسعه تتيح للشباب العمل فيها وتحقيق رؤاهم وارائهم.. كما دعوة الشباب للانخراط في العملية السياسية عبر التنظم في الاحزاب السياسية السودانية ودعم تغيرها وتعدلها بما يتوافق ورؤاهم معتدين بقدراتهم وكفاحهم الطويل كما ضرورة الإهتمام بالأفكار ولاحقا تنظيم الاحزاب بواسطتهم هم بما يتوافق معهم هم.

4.دعم قضايا المرأة و تشجيع النساء وتمييزهن ايجابيا للمساهمة في البناء الاقتصادي.. فرغم ان نسبة القادرين على العمل في السودان هي 53% نصفهم نساء فإن معظم النساء لايعملن ولايشتغلن في الفضاء العام محجورات في المنازل وهو عمل بجانب نبله لايساعد في بناء الدولة إذ يقدر إجمالا عدد العاملين في السودان 36% من جملة ساكنية بينهم أطفال وكبار سن بسبب ضعف المشاركة النسوية في العمل عموما..
إن الاهتمام بقضايا المرأة من صميم الاهتمام بقضايا الشباب كما رفع الظلم الاجتماعي والإضطهاد الذي يعانين منه

5. زيادة عدد العمال في السودان عبر زيادة عدد السودانيين من الشباب عبر طريقتين هما :
– فتح التجنيس للسودان عبر برامج حكومية تستهدف أجانب من القرن الافريقي وعرب يضع شروطها متخصصون بشروط واضحة وعادلة لاتمتهن كرامة الناس
– جذب أصحاب المهن والخبرات للسودان وترغيبهم عبر إتاحة الفرص وتوفير العدالة ومبدأ المحاسبة وسيادة القانون

ختاما : أتقدم بجزيل الشكر للمجموعات المنظمة لهذا اليوم وأدعو بشخصي لا باسم المعارف جميع شباب منطقة الأبيض وكردفان عموما لضرب المثل لبقية شباب السودان عبر المشاركة السياسية الفاعله أكثر من الذي هو قائم.. ودعم العملية السياسية عبر التوزع فيها وخلالها كل حسب أفكاره ورؤاه واقتحام الحياة العامة لا انتظار الإذن من أحد.. متمني للجميع دوام الصحة والعافيه في ازمان المرض هذه شاكر لكم ولزميلي على حسن الاستماع والمشاركة

ابراهيم نجيب 

الرئيس المكلف للحزب الليبرالي 
12 أغسطس 2020

________
مصادر :
١. موقع الأمم المتحدة
٢.المصدر السابق + فقه اللغة للثعالبي
٣. مقالة للكاتب (اقتصاد السودان البائد.. نظرة داخل أسوأ أيامنا فقرا)
٤.موقع (فنك fanak. Com) وموقع إحصائيات البنك الدولي

هذه المقالة كُتبت في التصنيف مقالات فكرية. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *