ملاحظات حول تمدد الميلشيات

مقدمة :

اندلعت حرب الخامس عشر من أبريل نتيجة لفشل الحلول الدبلوماسية لحل مشكلة تعدد الجيوش في البلاد. ومع أنّ الحرب انطلقت بهدف إنهاء هذه الظاهرة، فإنها فاقمت المشكلة بمنح الفرصة لأمراء الحرب لزيادة قواتهم بذريعة دعم أحد طرفي النزاع، مما يعزز نفوذهم ويجعلهم مستفيدين من الوضع الراهن. تستعرض هذه الورقة تمدد الميليشيات بعد اندلاع الحرب ومخاطر هذا التوسع.

الميليشيات القائمة سابقاً

ميليشيات الحركة الإسلامية

تعد كتيبة البراء بن مالك، التي أعلنت عن تحولها إلى لواء في الحرب الأخيرة، أبرز الميليشيات الإسلامية. يعود تاريخها إلى مقاتلين انخرطوا في قوات  الحركة الإسلامية التي كانت تُعرف بـ “الدفاع الشعبي” ثم أصبحت تُسمى “قوات الاحتياط”. شاركت الكتيبة في النزاع منذ اليوم الأول، ولها أذرع إعلامية مستقلة عن القوات المسلحة كما تجمع التبرعات بطرق منفصلة. وهناك مجموعات إسلامية أخرى مثل “البنيان المرصوص” و”كتيبة المعتصم بالله” التي تمددت نتيجة هذا النزاع.

الحركات المسلحة

تشمل الحركات المسلحة حركة تحرير السودان بجناحيها مناوي وتمبور، وحركة العدل والمساواة، والتي نشأت في ظل أزمة دارفور عام 2003 وما تلاها من انتهاكات. استفادت هذه الحركات من الحرب، إذ وسعت نطاق انتشارها حتى في الولايات الآمنة نسبياً. وتعتمد هذه الحركات على قواعد قبَلية كبيرة.

الميليشيات الجديدة

برزت على الأقل ثلاث حركات مسلحة جديدة في شرق السودان، مستغلة مناطق لا تزال تحت سيطرة الدولة وبعيدة عن الاشتباكات. تعكس هذه الجماعات طموحات سياسية رغم إعلانها دعم الدولة، وهي تتلقى دعماً إقليمياً يمثل خطراً على ما تبقى من مؤسسات الدولة. تشمل هذه الحركات “الحركة الوطنية للعدالة والتنمية” بقيادة محمد طاهر بيتاي، و”قوات الأورطة الشرقية” بقيادة الأمين داوود، و”قوات شيبة ضرار” التي اشتبكت مع القوات المسلحة في سبتمبر 2023.

المقاومة الشعبية

استخدم الجيش المقاومة الشعبية لتجنيد المتطوعين، لكن هذا التوجه أوجد حالة من الانتشار العشوائي للسلاح وفتح باباً للفساد. وفي يوليو 2024، اشتبكت مجموعة تابعة للمقاومة الشعبية في ولاية نهر النيل بقيادة أمير حرب صغير يدعى محمد ود أحمد علي مع القوات الأمنية، مما يعكس خطورة هذه التجمعات غير المنظمة.

قوات درع السودان

ظهرت هذه القوات في ديسمبر 2022 كمجموعة مسلحة أسسها ضابط الجيش السابق أبو عاقلة محمد أحمد كيكل بمعاونة ناطق رسمي سابق باسم القوات المسلحة كتشكيل مضاد لحركات دارفور واتفاقية جوبا ، انضم كيكل  لاحقاً إلى قوات الدعم السريع قبل أن يعود مجدداً إلى صفوف الجيش في أكتوبر الماضي.

مجموعات غرب كردفان

استغلت قوات الدعم السريع الفراغ في كردفان، لا سيما في غربها، لتجنيد مجموعات بقيادة شخصيات مثل حسين برشم وحامد عبد الغني. تقوم هذه الجماعات بفرض جبايات على المواطنين وتعمل بأسلوب مشابه للنهب المسلح، لكنها تتمتع باستقلالية ملحوظة عن قيادة الدعم السريع

خاتمة

أي مجموعة تم تسليحها خلال هذه الحرب تحظى بسلطات تجعلها خارج نطاق القانون، مما يؤدي إلى تعقيد المشهد العام وخلق أزمات وانتهاكات ضد المدنيين. يشكل نفوذ هذه الميليشيات السياسي تهديداً كبيراً، إذ أصبح السلاح أداة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، مما يعزز من سيطرة قادة هذه المجموعات على سلطة الأمر الواقع. إن الطموحات التي تولدها السلطات الممنوحة لهذه المجموعات تجعلها من أخطر التحديات التي تواجه البلاد بعد انتهاء الحرب، بل هي تهدد بعرقلة عملية السلام، وقد تؤدي إلى حروب مؤجلة بين هذه المجموعات أو بينها وبين الجيش اذن ان صراع تتورط فيه هذه القوى المسلحة سيتم حسمه بقوة السلاح وسيدفع ثمنه المواطن .

ان ما بدأ كمحاولة للحد من تعدد الجيوش بات يُفضي بسرعة نحو زيادتها، مما يهدد المنطقة المحيطة بصراعات مماثلة، خاصة في ظل تجنيد العديد من سكان الإقليم داخل السودان وخارجه لخدمة أهداف متعددة في هذه الحرب.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف Bez kategorii. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *