المتابع لحال الأزمة السياسية في السودان يلاحظ تناسقا كبيرا بين قادة الجيش السوداني في فحوي خطابهم السياسي .. فقبل فترة خرج علينا نائب رئيس هيئة الاركان يعيد سياق خطابات البرهان .. ويدلل عليها بكثير حصافة وزيادة ترتيب توحي للمتابع بأن الجيش علي قلب رجل واحد ونحن نعرف انه ليس كذلك وتقول ما مفاده أن الجيش يسعي لديمقراطية حقيقية وتوضح الدلائل عكس ذلك … فدعونا في عجالة نشير الي بعضها
١. يقول الجيش ان إجراءات ٢٥ أكتوبر كان هدفها إنهاء التشاكس علي السلطة وسيطرة مجموعة واحدة عليها … الان وبعد أكثر من ٥ أشهر يتضح انه كان ولايزال ينوي الإحتفاظ بالسلطة
٢. أعلن البرهان ومن خلفه قيادات الجيش والدعم السريع انهم بصدد إكمال مفوضيات وهياكل الحكم.. وبعد ٥ أشهر يتضح أن المتلاعب الحقيقي كان الجيش او البرهان نفسه …
يدعي الجيش أن التأخير كان بسبب السياسيين .. وهو أمر غريب إذ أنه أيضا ومن الواضح الترتيب الكبير للإنقلاب فالبلاد في حالة شلل اداري منذ منتصف عام ٢٠٢١ .. واعتصام القصر كان واضحا في تجلياته بأنه من ترتيب الجيش ومعاونيه بغرض الانقضاض علي السلطة والإدعاءات فيه بصلاح الحال أول ما يكتمل الانقلاب كانت كثيرة وكبيرة.. ولم تلبث الأمور أن ساءت عليهم
لكني هنا بصدد تحليل بعض الخطاب :
خطاب الجيش في خطابه الموحد أيام الانقلاب بأن المسبب هو قوي قحت ١
الان تغير هذا الحديث وأصبح أن المؤجل للاصلاحات هو قحت نفسها .. الغريب في الأمر أن الجيش ادعي الانقلاب لينهي سيطرة قحت علي المشهد وبعد الانقلاب يدعي أنها لاتزال مسيطرة فما الداعي كان للانقلاب ؟؟؟!!
ام أن الامر مجرد خطاب سياسي يتم بناءه بواسطة قادة الجيش ومستشاريهم للتنافس في سوق العمل العام ؟؟؟!! ولاعلاقه له بقحت او غيره إنما هي مطية اعطتها الظروف
اذا كانت قحت هي من تؤجل إكمال هياكل الحكم فهذا يعني ان قرار الجيش بالانقلاب ادخل البلاد نفقا مظلما لاداعي له وبدون تخطيط ويثبت فشل العسكر في السياسة
واذا كان العسكر هم من يؤخرون ذلك فواضح الأمر ببيان رغبتهم بالتحكم والسلطة
الشاهد في القصة أن الجيش ومعاونيه لم يبدأوا حركتهم هذه الا لما تكالبت قحت ١ ضد مصالحهم في السيطرة علي تركة الكيزان من أموال وشركات.. البينات كثيرة لكن المحير هو الخطاب
اذا أصبح الجيش مساهما في الخطاب السياسي العام فهذا يعني تحوله لمؤسسة سياسية كاملة الدسم .. ويعيد ويكرر تجارب المنطقة (مصر بشكل أكثر وضوحا) بتدخل الجيش واحتلاله لقرار الدولة بظن الإصلاح .
وهذا التكرار يستبطن ظنا محافظا يفضل أن تظل البلاد علي حالها أو أن تعود سيرتها الأولي ولم تكن سيرة بلادنا الأولي بذلك الجمال الذي يصوره الخطاب وإنما كانت مكانا للجهل والتخلف والمرض وسيطرة البعض وغياب الاغلبية .
علي كل الذين يرغبون بالمحافظة علي البلاد بشكلها الثقافي والاجتماعي تحسس نواياهم إذ انها هي نفسها من تقعد البلاد وتمنعها من التطور .. فلا حل سوى إطلاق ساقي البلاد للريح والتطور
شخصيا أوقن أن قادة الجيش لايظنون بوجود خطأ في أفعالهم هذا لأن أفعالهم متناسقة مع أفكارهم وعقائدهم .. وهي أن السلطة حق لهم بالقوة والإكراه وأنهم أحق بالبلاد من غيرهم ويصعب علي عقلهم تصور أن البلاد يمكن إصلاحها بشكل يتفوق عليهم ولايريدون ذلك فلا أحد فيهم ينظر بعيدا
الذي يؤرقني هو توجه شبابنا والثوار تجاه الجيش ينتظرون منه إصلاحا وانقلابا يلي آخر بغرض تمكنهم من السلطة وتسليمهم البلاد وكل العساكر مساخر لكن أبناء بلادي لايعقلون ذلك … واتمني لو فعلوا
د.ابراهيم نجيب الرئيس المكلف للحزب الليبرالي
الخطاب السياسي للجيش السوداني
هذه المقالة كُتبت في التصنيف Bez kategorii. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.