مبادرة حمدوك ….التحديات والفرص

ولم ار في عيوب الناس عيبأً ……كنقص القادرين على التمام
المتنبي

مقدمة:

تقدم دكتور عبد الله حمدوك بمبادرة لحل  معضلة الانتقال الديمقراطي في السودان ، كمدخل لحل ما اسماه الازمة الوطنية الشاملة وقد ابتدر مبادرته بالدعوة الى ” التسوية السياسية الشاملة ” وذلك عن طريق توحيد “الكتلة الانتقالية” ودفعها نحو تنفيذ المتطلبات المذكورة في هذه المبادرة والتي تأتي في ظل ازمة اقتصادية طاحنة وانسداد سياسي يعززه تعثر تنفيذ اتفاق جوبا للسلام وغياب العديد من الهياكل الانتقالية .

 

في البدء ، لابد من القول ان الانتقال من الديمقراطية الى اللاديمقراطية  يعد سيرورة معقدة ، وغير خطية في كثير من الأحيان كما نشاهد في تجارب كثير من الدول وخاصة دول الربيع العربي ، فبينما حققت بلدان كتونس انتقالاً ديمقراطياً ودخلت في مرحلة التحول الديمقراطي ، ارتدت بعض الدول الى الحكم الديكتاتوري بل انزلقت اخريات الى الحرب الاهلية الشاملة . ناهيك عن تجربتي الانتقال السودانيتين في أكتوبر وابريل  . و المتتبع لهذه التجارب العديدة سيلاحظ ان للانتقال  شروطاً عديدة لعل من أهمها وجود نخبة سياسية ديمقراطية ومستعدة للمساومة ، فالديمقراطية لا تهبط من السماء وانما يتم صناعتها بواسطة  الفاعلين السياسيين .

 

قلب المبادرة

نظرياً تشتمل المبادرة على اساسيات وشروط جيدة لتأمين الانتقال وانجاحه وهذه الشروط تشمل وحدة القوى المدنية ، وحدة القوى العسكرية في جيش موحد وايلولة شركات الجيش لوزارة المالية  ، اشراك المدنيين في استراتيجيات الامن ، معالجة ملف العلاقات الخارجية و ملف تعدد مراكز القرار في الدولة ، الا انه كما يقولون ” يكمن الشيطان في التفاصيل ” اذ كيف يمكن تحقيق هذه البنود وتنزيلها على ارض الواقع ؟

ان أي حديث عن وحدة القوى المدنية لابد ان يشمل صناعة أوسع توافق سياسي على ثوابت الديمقراطية ولعل المدخل لذلك هو اصلاح تحالف الحرية والتغيير ليشمل الجبهة الثورية وغيرها من القوى الأخرى ، بل ان هذا التوافق لا بد ان يشمل حتى الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق السلام الأخير .

 

تناول حمدوك ايضاً ما سماه “تطوير لجنة إزالة التمكين”، والاحرى هو مواصلة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو دون الاخلال بحكم القانون وسيادته ومسألة فصل السلطات ، كما ان هذا الملف لا ينفصل من ضرورة استكمال هياكل القضاء ” المستقلة” بما في ذلك المحكمة العليا والخروج من هذا الوضع الشاذ الذي تتداخل فيه السلطات كلها ، فبغياب مجلس القضاء وغياب المجلس التشريعي قامت السلطة الانتقالية بأداء مهامهما إضافة الى سلطاتها التنفيذية والسيادية  وهذا كما هو معلوم ضد ابسط قواعد الديمقراطية .

 

لم يتم ذكر طريقة تشكيل المجلس التشريعي في ظل حالة التشظي السياسي الحالية كما اغفلت المبادرة أي ذكر لضرورة الرجوع الى الإرادة الشعبية المتمثلة في صندوق الاقتراع وهو امر عجيب ومستغرب فالديمقراطية لا تترسخ الا بالمزيد من الديمقراطية والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار . ولعل هذا الاستغراب يزول اذا علمنا ان العديد من القوى السياسية الفاعلة تمسكت بمقاعد السلطة الانتقالية خوفاً من أي عملية انتخابية قد لا تضمن لها نفس المقاعد !  مع ان قيام انتخابات محلية على الأقل سيعطي دفعة لعملية الانتقال ،  ويزيد من وجود القوى الثورية الديمقراطية المنتخبة في مراكز القرار مما سينعكس على سلطة الحكم نفسها ، بدل ان تكون هذه القوى في مواقع الاحتجاج .

 

 

ختاماَ حوت المبادرة نقاطاً هامة واغفلت نقاطاً أخرى ويبقى المحك في طريقة تحويلها الى ارض الواقع الامر الذي يتطلب ضغطاً جماهيرياً على النخب الفاعلة بمدينيها وعسكريها ، فالتسوية لابد ان تشمل المؤسسة العسكرية الأمنية وليستمر هذا الضغط  حتى الوصول  الى تسوية سياسية شاملة تفضي الى انتقال ومن ثم تحول ديمقراطي ومستدام .  وهو هناك فرصة كبيرة لتجاوز هذه ” الازمة الوطنية الشاملة ” حت تمام الوصول فلسنا كسودانيين بدعاً من الأمم والدول .

 

 

عمير محمد زين

عضو المكتب الإعلامي للحزب الليبرالي

هذه المقالة كُتبت في التصنيف Bez kategorii. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

رد واحد على مبادرة حمدوك ….التحديات والفرص

  1. annonymous كتب:

    المبادره تمثل فقط فرفرة مذبوح حيث انها لاترتقي في ظل الانقسامات الداخليه بين الحكومه والحكومه وين الحكومه والمواطن وبين المواطنين انفسهم الموضوع ليس سوي تغطيه اعلامية لتغطية فشل ذريع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *