والحرب تتوسع ويتطاول أمدها لتأخذ أشكالاً جديدة وبتداعيات حذرنا منها قبل اطلاق الرصاصة الاولى بسويعات ،يكون من المهم علينا توضيح بعض النقاط :
أولاً : نسجل ادانتنا لجرائم وتجاوزات الجنود. وخصوصاً جرائم وتجاوزات أفراد الدعم السريع التي كثرت اعدادها عن الحصر.
ثانيا : هي حرب سيطرة بين جنرالات الجيش والدعم السريع. وتهدف الي تمكن أحدهما (منفرداً) من مقدرات الدولة وسلطاتها وبالعدم تشاركها وفق قواعد جديدة.
ثالثا : النزاعات القبلية المحلية تعاود الاطلال بوجهها من فراغ القوة الذي يخلفه وضع الحرب. وتتصاعد النعرات القبلية وخطابها الكذاب بين ضلوع الحرب وامتداد الحرب وتوسعها السياسي والاقتصادي والجغرافي
رابعاً : مثلت الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية فرصةً لعمل سياسي مدني جامع لعلاج هذه الأزمة، إلا أن هناك اصراراً على جعلها منصة بلا هيكلة وبالتالي بلا عمل فاعل ، ان هكذا اصرار لهو امتداد لروح انعدام المسؤولية المتمددة في الساحة السياسية السودانية
خامساً : ان هذه الحرب وان كانت قد اشتعلت بعبث الجنرالات الا انها تعبير عن أزمة سياسية وحلها لابد أن يكون عن طريق ابتدار حوار سياسي جامع لإيجاد صيغة لإنقاذ البلاد بعد الضغط على المتحاربين ووضع البلاد على سكة الانتقال المدني الديمقراطي .
اندلعت حرب الخامس عشر من أبريل نتيجة لفشل الحلول الدبلوماسية لحل مشكلة تعدد الجيوش في البلاد. ومع أنّ الحرب انطلقت بهدف إنهاء هذه الظاهرة، فإنها فاقمت المشكلة بمنح الفرصة لأمراء الحرب لزيادة قواتهم بذريعة دعم أحد طرفي النزاع، مما يعزز نفوذهم ويجعلهم مستفيدين من الوضع الراهن. تستعرض هذه الورقة تمدد الميليشيات بعد اندلاع الحرب ومخاطر هذا التوسع.
الميليشيات القائمة سابقاً
ميليشيات الحركة الإسلامية
تعد كتيبة البراء بن مالك، التي أعلنت عن تحولها إلى لواء في الحرب الأخيرة، أبرز الميليشيات الإسلامية. يعود تاريخها إلى مقاتلين انخرطوا في قوات الحركة الإسلامية التي كانت تُعرف بـ “الدفاع الشعبي” ثم أصبحت تُسمى “قوات الاحتياط”. شاركت الكتيبة في النزاع منذ اليوم الأول، ولها أذرع إعلامية مستقلة عن القوات المسلحة كما تجمع التبرعات بطرق منفصلة. وهناك مجموعات إسلامية أخرى مثل “البنيان المرصوص” و”كتيبة المعتصم بالله” التي تمددت نتيجة هذا النزاع.
الحركات المسلحة
تشمل الحركات المسلحة حركة تحرير السودان بجناحيها مناوي وتمبور، وحركة العدل والمساواة، والتي نشأت في ظل أزمة دارفور عام 2003 وما تلاها من انتهاكات. استفادت هذه الحركات من الحرب، إذ وسعت نطاق انتشارها حتى في الولايات الآمنة نسبياً. وتعتمد هذه الحركات على قواعد قبَلية كبيرة.
الميليشيات الجديدة
برزت على الأقل ثلاث حركات مسلحة جديدة في شرق السودان، مستغلة مناطق لا تزال تحت سيطرة الدولة وبعيدة عن الاشتباكات. تعكس هذه الجماعات طموحات سياسية رغم إعلانها دعم الدولة، وهي تتلقى دعماً إقليمياً يمثل خطراً على ما تبقى من مؤسسات الدولة. تشمل هذه الحركات “الحركة الوطنية للعدالة والتنمية” بقيادة محمد طاهر بيتاي، و”قوات الأورطة الشرقية” بقيادة الأمين داوود، و”قوات شيبة ضرار” التي اشتبكت مع القوات المسلحة في سبتمبر 2023.
المقاومة الشعبية
استخدم الجيش المقاومة الشعبية لتجنيد المتطوعين، لكن هذا التوجه أوجد حالة من الانتشار العشوائي للسلاح وفتح باباً للفساد. وفي يوليو 2024، اشتبكت مجموعة تابعة للمقاومة الشعبية في ولاية نهر النيل بقيادة أمير حرب صغير يدعى محمد ود أحمد علي مع القوات الأمنية، مما يعكس خطورة هذه التجمعات غير المنظمة.
قوات درع السودان
ظهرت هذه القوات في ديسمبر 2022 كمجموعة مسلحة أسسها ضابط الجيش السابق أبو عاقلة محمد أحمد كيكل بمعاونة ناطق رسمي سابق باسم القوات المسلحة كتشكيل مضاد لحركات دارفور واتفاقية جوبا ، انضم كيكل لاحقاً إلى قوات الدعم السريع قبل أن يعود مجدداً إلى صفوف الجيش في أكتوبر الماضي.
مجموعات غرب كردفان
استغلت قوات الدعم السريع الفراغ في كردفان، لا سيما في غربها، لتجنيد مجموعات بقيادة شخصيات مثل حسين برشم وحامد عبد الغني. تقوم هذه الجماعات بفرض جبايات على المواطنين وتعمل بأسلوب مشابه للنهب المسلح، لكنها تتمتع باستقلالية ملحوظة عن قيادة الدعم السريع
خاتمة
أي مجموعة تم تسليحها خلال هذه الحرب تحظى بسلطات تجعلها خارج نطاق القانون، مما يؤدي إلى تعقيد المشهد العام وخلق أزمات وانتهاكات ضد المدنيين. يشكل نفوذ هذه الميليشيات السياسي تهديداً كبيراً، إذ أصبح السلاح أداة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، مما يعزز من سيطرة قادة هذه المجموعات على سلطة الأمر الواقع. إن الطموحات التي تولدها السلطات الممنوحة لهذه المجموعات تجعلها من أخطر التحديات التي تواجه البلاد بعد انتهاء الحرب، بل هي تهدد بعرقلة عملية السلام، وقد تؤدي إلى حروب مؤجلة بين هذه المجموعات أو بينها وبين الجيش اذن ان صراع تتورط فيه هذه القوى المسلحة سيتم حسمه بقوة السلاح وسيدفع ثمنه المواطن .
ان ما بدأ كمحاولة للحد من تعدد الجيوش بات يُفضي بسرعة نحو زيادتها، مما يهدد المنطقة المحيطة بصراعات مماثلة، خاصة في ظل تجنيد العديد من سكان الإقليم داخل السودان وخارجه لخدمة أهداف متعددة في هذه الحرب.
يعمل الحزب الليبرالي على تقديم فيديوهات صغيرة وقصيرة غرضها شرح وجهات نظر الليبراليين السودانيين للواقع السوداني وطرائق التعامل السياسي معه تحت عنوان : الدولة في السودان … وجهة نظر ليبرالية
نهدف من خلال هذه الفيديوهات الي توفير آلية مشتركة للنقاش وتبادل الرأي والاختلاف مع الجمهور وخلق رأي عام مشارك في الاسس النظرية التي التي يقف عليها تنظيرنا للدولة.
نحن منفتحون على الاختلاف والرأي الآخر لكن دعونا نقدم نظرتنا هنا
بقلق بالغ نتابع اخر مناوشات حرب السيطرة والخداع التي يلعب طرفاها برهان وحميدتي وهي لعبة مميتة لشعبنا
تكمن خطورة لعبة البرهان وحميدتي بمصائر الناس في مكان حساس جدا.. إذ أن كلاهما كاذب في ادعائاته التي يستدعيها لكسب الناس.. فلا برهان على رأس مؤسسة تحمي الدولة فعلا و إنما تحتكرها وتبطش بخصوصها… ولا حميدتي عرف عن مطار مروي البارحة فقرر تخليصه من أيدي المصريين فصدر مقالة الفلول .. وإنما كل هذه دعاية وبروغاندا الغش والكذب والدجل بغرض إحكام يد أكبر على حلقوم الشعب والناس.
وبقلق بالغ جدا نرى تصاعد وتيرة حرب الإعلام هذه التي نعرف ان ليس في نهايتها خير او شئ مفيد لأحد.. مهما بلغت تصورات شعبنا عن نفسه او اهوائه المناطقية/العرقية/الجهوية.. فما تلك الحرب سوي مستعمل لهذه الأهواء لأهداف ليست في دفاتر الرجلين… إنما هي قناع يلبسونه عندما يحتاجونه… وفي هذه الحرب خرجت أصوات كثيرة يتم استثارتها خوفا من صوت الحرب.. انها أصوات الكراهية والدعوات للقتل والموت تحت رايات بالية.. كالقبيلة والجهوية وتلميع الجنرالات.
ونذكر متعلمينا ومثقينا ممن هم ليسوا على تصور او مخيال ببشاعة الحرب وأحزانها.. نذكرهم ونكرر :
ان حروبا كثيرة أشعلت في بلادنا بمختلف المدائح وأهواء الباطشين.. كلها لم تجلب علينا اي نفع يذكر بعد سنوات من صدوح شاديها… وظلت تأكل الدولة من أطرافها، وتدفع بها الجروبات العديدة و بسرعة الي الهاوية.. حيث انحلال الدولة النهائي و الأخير وقتل المقربين والأصدقاء والأخوة والجيران ومختلف بشاعات الحرب.. فقط هذه المرة سوف تتوسع دائرة لظاها لتشمل الكثيرين..
وهي إذ تفعل ذلك فلا أحد منتصر في النهاية الا الجنرالات يعقدون اتفاقات وهدنة تلو اخرى في عواصم ومنتجعات المدن البعيدة.. ولا أحد.. لا أحد حرفيا منهم حينها سوف يتذكر موتاكم الا غناءا وتحسسا لحجم السلطة الذي يكسبونه منهم… فوق جماجم اقربائكم ومقربيكم والذين تحبون ثم يغنون لكم من الماضي ما يوهمكم بحق الشهيد لن يأتي ابدا.. الحق الذي يسفكه الجنرال اذا تقاطعت انت وشهدائك جميعا أمام مصالحه .. فلا تدعموا الحرب ولاتضربوا لهم طبولهم.
انه ليحزننا اننا لانملك سوي صوتنا.. ورغم عدم كفايتة فلن نبخل به ضد الحرب والقتل ونرفضها تحت أي ذريعة كانت .. فالدولة دولة الشعوب هذه والمصير مصيرهم.. والحرب لاتفيد أي منهم.
لكن رفضنا لن يغني ولن يخفف عن أهلنا مأساتهم.. فلهم الله.
المتابع لحال الأزمة السياسية في السودان يلاحظ تناسقا كبيرا بين قادة الجيش السوداني في فحوي خطابهم السياسي .. فقبل فترة خرج علينا نائب رئيس هيئة الاركان يعيد سياق خطابات البرهان .. ويدلل عليها بكثير حصافة وزيادة ترتيب توحي للمتابع بأن الجيش علي قلب رجل واحد ونحن نعرف انه ليس كذلك وتقول ما مفاده أن الجيش يسعي لديمقراطية حقيقية وتوضح الدلائل عكس ذلك … فدعونا في عجالة نشير الي بعضها ١. يقول الجيش ان إجراءات ٢٥ أكتوبر كان هدفها إنهاء التشاكس علي السلطة وسيطرة مجموعة واحدة عليها … الان وبعد أكثر من ٥ أشهر يتضح انه كان ولايزال ينوي الإحتفاظ بالسلطة ٢. أعلن البرهان ومن خلفه قيادات الجيش والدعم السريع انهم بصدد إكمال مفوضيات وهياكل الحكم.. وبعد ٥ أشهر يتضح أن المتلاعب الحقيقي كان الجيش او البرهان نفسه … يدعي الجيش أن التأخير كان بسبب السياسيين .. وهو أمر غريب إذ أنه أيضا ومن الواضح الترتيب الكبير للإنقلاب فالبلاد في حالة شلل اداري منذ منتصف عام ٢٠٢١ .. واعتصام القصر كان واضحا في تجلياته بأنه من ترتيب الجيش ومعاونيه بغرض الانقضاض علي السلطة والإدعاءات فيه بصلاح الحال أول ما يكتمل الانقلاب كانت كثيرة وكبيرة.. ولم تلبث الأمور أن ساءت عليهم لكني هنا بصدد تحليل بعض الخطاب : خطاب الجيش في خطابه الموحد أيام الانقلاب بأن المسبب هو قوي قحت ١ الان تغير هذا الحديث وأصبح أن المؤجل للاصلاحات هو قحت نفسها .. الغريب في الأمر أن الجيش ادعي الانقلاب لينهي سيطرة قحت علي المشهد وبعد الانقلاب يدعي أنها لاتزال مسيطرة فما الداعي كان للانقلاب ؟؟؟!! ام أن الامر مجرد خطاب سياسي يتم بناءه بواسطة قادة الجيش ومستشاريهم للتنافس في سوق العمل العام ؟؟؟!! ولاعلاقه له بقحت او غيره إنما هي مطية اعطتها الظروف اذا كانت قحت هي من تؤجل إكمال هياكل الحكم فهذا يعني ان قرار الجيش بالانقلاب ادخل البلاد نفقا مظلما لاداعي له وبدون تخطيط ويثبت فشل العسكر في السياسة واذا كان العسكر هم من يؤخرون ذلك فواضح الأمر ببيان رغبتهم بالتحكم والسلطة الشاهد في القصة أن الجيش ومعاونيه لم يبدأوا حركتهم هذه الا لما تكالبت قحت ١ ضد مصالحهم في السيطرة علي تركة الكيزان من أموال وشركات.. البينات كثيرة لكن المحير هو الخطاب اذا أصبح الجيش مساهما في الخطاب السياسي العام فهذا يعني تحوله لمؤسسة سياسية كاملة الدسم .. ويعيد ويكرر تجارب المنطقة (مصر بشكل أكثر وضوحا) بتدخل الجيش واحتلاله لقرار الدولة بظن الإصلاح . وهذا التكرار يستبطن ظنا محافظا يفضل أن تظل البلاد علي حالها أو أن تعود سيرتها الأولي ولم تكن سيرة بلادنا الأولي بذلك الجمال الذي يصوره الخطاب وإنما كانت مكانا للجهل والتخلف والمرض وسيطرة البعض وغياب الاغلبية . علي كل الذين يرغبون بالمحافظة علي البلاد بشكلها الثقافي والاجتماعي تحسس نواياهم إذ انها هي نفسها من تقعد البلاد وتمنعها من التطور .. فلا حل سوى إطلاق ساقي البلاد للريح والتطور شخصيا أوقن أن قادة الجيش لايظنون بوجود خطأ في أفعالهم هذا لأن أفعالهم متناسقة مع أفكارهم وعقائدهم .. وهي أن السلطة حق لهم بالقوة والإكراه وأنهم أحق بالبلاد من غيرهم ويصعب علي عقلهم تصور أن البلاد يمكن إصلاحها بشكل يتفوق عليهم ولايريدون ذلك فلا أحد فيهم ينظر بعيدا الذي يؤرقني هو توجه شبابنا والثوار تجاه الجيش ينتظرون منه إصلاحا وانقلابا يلي آخر بغرض تمكنهم من السلطة وتسليمهم البلاد وكل العساكر مساخر لكن أبناء بلادي لايعقلون ذلك … واتمني لو فعلوا د.ابراهيم نجيب الرئيس المكلف للحزب الليبرالي
في البدء نتقدم بالتحية للجان المقاومة في مدينة ود مدني التي بدأت في التحرك من خانة الاحتجاج والمطالب إلى خانة الفعل السياسي الجاد بجهدٍ يشكرون عليه لكن يجب رفده بالكثير من الرأي والرأي الاخر لعله يفضي إلى تحول ديمقراطي إذا صدق العزم وتضافرت الجهود .
تنبع أهمية هذا الإعلان من انه من أوائل المسودات التي طرحتها لجان المقاومة وانه جاء كمسودة مطروحة للنقاش مع قواعد هذه اللجان في مدينتها ولكل السودانيين والسودانيات الأمر الذي يشكل قطيعة مع العرف السوداني في خلق مواثيق ووثائق وأوراق فوقية لذلك يجب أن تتشجع لجان المقاومة السودانية في كل المدن لكتابة وجهات نظرها لتعبر عن انسان منطقتها الجغرافية .
لقد جاء الإعلان المقترح معبراً عن روح ثورة ديسمبر في تأكيده على نظام مدني ديمقراطي ليبرالي سياسياً ( وإن لم يذكر ذلك صراحة ً ) ، ضرورة بناء جيش موحد وإبعاد الجيش عن حقلي السياسة والاقتصاد وتأكيده على ضرورة استعادة السيادة الوطنية ، إلا أن الإعلان يطرح نوعين من الملاحظات من وجهة نظرنا المستندة على أسس الديمقراطية والحريات ، تنقسم هذه الملاحظات الى ملاحظات حول الاليات وملاحظات حول المصطلحات .
ملاحظات حول المصطلحات :
احتوى الإعلان بصورة عامة علي اصطلاحات مشحونة ايدلوجياً في العرف الماركسي قلل الإقبال نحوه وحوله من وظيفته الادائية الي حالة في السوشيال ميديا يتم التفاعل حولها بالعواطف مما أضعف الأثر السياسي له.
مصطلحان اثنان تكررا في مقدمة الإعلان حيث عرف الإعلان الفترة الانتقالية بانها “الفترة التي تلي سقوط النظام الشمولي القائم على تحالف لجنة البشير الأمنية وحلفائها من المليشيات والحركات العسكرية والنُّخب التقليدية والحديثة ” . انتهى الاقتباس ، لقد تكرر مصطلح النخب التقليدية والحديثة بطريقة توحي انه يشمل أغلب الفاعلين السياسيين في السودان ( في جزء من الإعلان تم الإشارة تحديداً الى قوى الحرية والتغيير ) وهو الأمر الذي يصعب بناء الديمقراطية حيث لا ديمقراطية بلا نخب مدنية وديمقراطية ومتوافقة مع بعضها وبدون ذلك يفشل الإنتقال الديمقراطي . ثم أن محاولة إقصاء ” النخب التقليدية والحديثة ” التي يلمح لها الإعلان يتعارض مع هدفه الأول المذكور ” الاتفاق على ركائز وأسس المشروع الوطني التنموي التثويري الجامع ” حيث لا يمكن الإتفاق على مشروع وطني إلا بتوافق يشمل أغلب النخب الحديثة والتقليدية بديهيا ً
المصطلح الثاني الذي تكرر هو مصطلح “القوى الثورية المؤمنة بالتغيير الجذري ” ومن غير الواضح ما الذي يعنيه هذا المصطلح وكيف يمكن قياس الإيمان و الجذرية وتحديد قوى التغيير الجذري بحياد ومهنية وتفرقتها عن قوى التغيير الغير الجذري إذ لم تحدد آلية لذلك
يتبنى الإعلان بالكامل وجهة نظر ما اصطلح على تسميته بالقوى الحديثة في التاريخ السياسي السوداني حيث سعى الى وصف الإدارات الاهلية بانها صنيعة استعمارية ، ووصف النخب السياسية ذات الولاء الطائفي بانها على علاقة ب “الاستعمار الجديد ” الامر الذي يفسر إصرار الإعلان على فترة انتقالية طويلة
أسئلة عن الكيفية :
الإعلان يتبنى نظاماً سياسياً برلمانياً حيث يقوم البرلمان باختيار رئيس الوزراء ، يعد الاصلح مقارنة بالنظام الرئاسي الذي يركز صلاحيات تنفيذية في يد شخص الرئيس ، الامر الذ يجعله غير مناسب لدولة بماض ديكتاتوري طويل كالسودان كما أنه أفضل من النظام شبه الرئاسي الذي يتطلب انسجاماً بين شخصي الرئيس ورئيس الوزراء ويتضعضع النظام في حالة غياب ذلك التوافق .
يقع المقترح المقدم من قبل لجان مقاومة مدني في نفس فخ اعلان الحرية والتغيير فقد دعي الى فترة إنتقالية تبلغ 4 سنوات وبتفويض واسع يشمل إصلاحات متعددة كتحقيق نظام اقتصادي مختلط وزيادة الصرف الحكومي على قطاعات معينة و” معالجة المظالم التاريخية ” وعمل تعديلات عميقة في عدد من القوانين سماها المقترح بالاسم ، في هذه النقطة نرغب في توضيح الاتي :
ان أي سلطة انتقالية بتعريفها by definition هي سلطة مؤقتة وبي mandate ضيق ومحدد كونها سلطة غير منتخبة اما القضايا الكبرى من المذكورة بالإعلان يجب تحقيقها بحكومة منتخبة ومفوضة تفويضاَ واضحاً ، ان إطالة أمد الفترة الانتقالية بلا تفويض انتخابي خطأ كبير جداً لا يجب تكراره . اخذاً في الاعتبار ان الإعلان في حديثه عن اليات اختيار المجالس المحلية ومن ثم البرلمان المسمى بالمجلس التشريعي الانتقالي لم يشر الى عملية انتخابية اقتراعية وانما الى عملية اختيار تشرف عليها لجان المقاومة و ” القوى الثورية الأخرى المؤمنة بالتغيير الجذري ” .
في الجانب الاقتصادي تحدث الإعلان عن رفض ” سياسات البنك الدولي ” والتعامل مع المؤسسات الدولية وفي نفس الوقت أكد على موضوع جدولة الديون واعفائها دون توضيح الالية في ذلك وكيفية المواءمة بين الخيارين الذين يبدوان متناقضين . كما شدد على زيادة الصرف الحكومي والتراجع عن سياسات رفع الدعم (مما يعني إبقاء دعم الاستهلاك ) بلا توضيح الية واضحة لذلك .
ان الجزء الخاص بالاقتصاد في الإعلان يحتاج الى نقاش واسع حول تفاصيله وحول كونه مناسباً لفترة إنتقالية يصعب فيها فرض توجه ايدولوجي معين في الاقتصاد ، دون تفويض انتخابي شعبي واضح
ختاماً ان أي ملاحظات حول شكل الإعلان وتفاصيله لا تنفي أهميته من حيث أنه بدأ نقاشاً حول كيفية حكم السودان ، نقاشاً يجب ان يخوضه السودانيون جميعاً بمختلف اتجاهاتهم للوصول الى الية سلمية لإدارة خلافاتهم وتناقضاتهم تحت ظل الوطن الواحد .
تكررت الأنباء خلال الأيام القليلة الماضية عن الإنتهاكات التي تواصل في إرتكابها المؤسسة العسكرية في السودان حيث استمرت في قتل المتظاهرين ، الإعتقال غير المشروع ، إقتحام المستشفيات ومواصلة أعمال العنف والقمع الأخرى
ان سلوك قادة الإنقلاب لم يتحسن وهم يستمرون في إنتهاك حقوق السودانيين والسودانيات وأولها حق الحياة ، آملين أن يؤدي هذا الى تراجع الحركة الجماهيرية يساعدهم في ذلك استقواءهم بحلفائهم الخارجيين ، الأمر الذي يهدد كل المبادرات الهادفة لحل الازمة السياسية الحالية
هذه الممارسات تؤكد تماما على أن السلطة الحالية تريد فرض نفسها بالقوة من خلال هذه الممارسات الإجرامية الغير إنسانية، مما يجعلها سلطة فاقدة للشرعية تماما ولا رصيد لها للبقاء على السلطة مما يجعل اسقاطها مراً مشروعاُ وحتمياً
على صعيد اخر تظل جبهة القوى المدنية تعاني من التصدع والانشقاقات مع تواصل الإنفصال بين النخبة السياسية المدنية والشارع مما يؤدي إلى زعزعة جهود المقاومة وتشتيتها حيث أن المكاسب التي حققتها ثورة ديسمبر في موجتها الأولى كانت بفعل وحدة الجبهة المدنية وتماسكها في المقام الأول
اخذاً بالاعتبار كل ما سبق فأننا ندعو كل القوى السياسية التي تسعى الى الإنتقال الديمقراطي للتلاقي على خطوط عريضة تخرج البلاد من أزمتها على أن يشمل ذلك بوضوح مبدأي مدنية السلطة والمحاسبة
كما ندعو القوات الأمنية والعسكرية للإمتناع عن قمع السودانيين والسودانيات وليعلموا أن التراتبية العسكرية لا تحمي من الإفلات من العقاب